عندما كنت أسرح بفكري وأتأمل حال قلبي...
جائت فتاة ووقفت أمام البحر فحركت مشاعر النسيم حتى أرسل لي صوت تنهدها القوي، وأرى دموعها تتساقط على الشاطئ لتحتضنها رماله، وكانت مرتدية ذلك السواد الذي لبسته حداداً على قلبها الضائع بين القلوب التي أهملتها...
وأنظر إلى يدها اليمنى فإذا بها متشبثة بمنديلها الغارق في الدموع،وبيدها اليسرى عصاتها الصغيرة التي تنقش بها أحلامها الوردية على رمال الشاطئ....
فوقفت أما البحر تبكي فسقطت دمعتها الدافئة على البحر...فقال لها:
يافتاة رفقاً بأمواجي فقد ثارت لدموعك،وغارت لشقاء عيونك،أرجوك ضعي يداك بالقرب من شاطئي لتنظرين إلى قطراتي وهي تتسابق إليك لتداعبك برثاثها البارد وتغسل دموعك وتخفف عنك آلامك وهمومك.
وانظري إلى ملامحك في مرآتي كيف لأمواجي أن تهدأ وأنت تبخرينها بآهاتك، وبدموعك الحارقة التي نقشت خطواتها على وجنتيك وتغيرت ألوان شفتيك..؟
تمنيت في هذه اللحظة أن يصبح مائي عذباً لتشربي مني فلعلي أستطيع أن أمنح قلبك بلسماً يطفئ النار التي في جوفك عندما تتسلل قطراتي إللا قلبك الصافي،تعالي لي فاأنا أحبك عدد قطراتي،وأشعر بأن آهاتك تلامس أعماقي...
فارتمت الفتاة في أحضان ذلك البحر وخرجت منه وهي سعيدة بصاحبها الجديد.
وعندما ودعت البحر مشت في الطريق وخيوط الشمس تصافحها والسعادة تملئ قلبها، وفي الطريق رأت بستاناً مليء بالزهور فابتهجت وابتسمت،وإذا بزهرة صغيرة أسفل منها...تقول لها:
يافتاة أرجوك لاتمسحي هذه الإبتسامة التي أشعت نوراً علينا،كنا نعتقد أننا رمزاً للأمل والآن أرى من هو رمزاً لأجمل معاني الأمل، بهذه الإبتسامة فأنت للحب علامة ولاأعلم هل الحب هو قلبكي ؟أم أنتي قلباً له ؟.
و لامسي أوراقي وداعبي غصوني ودعي أنفاسك الجميلة تشتم رائحتي، ومادمت بين يديك لاأريد أشواكي التي تحميني فأنا بين يديك في أمان.
أريد أن تقتلعيني من الأرض وتزرعيني بداخلك كي أنمو فيك وألامس أعماقك وأشعر بدفئك بجذوري التي سيسقيها دمك الذي يسري فيه طهر الحب ونقاء الوفاء.
فعجبت لهذه الفتاة !!! فالبحر تكفل بهمومها وأخذ دموعها فغارت منه جميع البحور،والزهرة تفرح لإبتسامتها وتتمنى العيش بداخلها حتى غارت منها جميع الزهور،وتغرد لها الطيور .
فذهبت لها بإستحياء وقلت لها: لقد كنت قريبا منك في الجوار وسمعت كل الحوار، فأريد أن أكون لك البحر والزهور...أريد أن يصبح صوتي في أذنيك كتغريد الطيور...
فقرأت حبي الصادق من عيوني...وأيقنت بإخلاصي من صوتي وشجوني...
فاخذت بيدي وابتسمت في وجهي قائله...
(رغم صدق البحر واتساع قلبه إلا أن الغدر هي سنته وهذا دأبه...وبالرغم من جمال الزهورإلا أنها مع الأيام تذبل وتحور...وأنا أرى في قلبك كرم العطايا فلا مكان للغدر فيه وأرى في عيناك جمال روحك وأفضل الحكايا ولن يذبل قلب سكن الحب الصادق فيه)
فأصبحت أنا وفتاتي بين البحار وبين الزهور